ابو مجاهد
عدد الرسائل : 105 العمر : 32 دعاء : تاريخ التسجيل : 12/11/2008
| موضوع: بين الغفلة والصحوة الخميس ديسمبر 11, 2008 8:06 am | |
| السلام عليكم ورحمة اللهوبركاتهبسم الله الرحمن الرحيمبين الغفلة والصحوةكان صاحب أموال وفيرة يجِدُّ عليها لاستغفر اللهبها ليلاً ونهاراً ، وكانصالحاً تقياً ، فطالما عمر بيوت الله صلاة وذكراً ، تجارته لم تلهِهِ عن شيء من ذلك، وكان لديه زوجة صالحة أيضاً ، فهي توقظُهُ للصلاةِ في جوف الليل ، وكان يتحرىالحلال دوماً ، فرُزِقَ بمولودٍ ذكرا ، مرت السنون ، وكبر هذا الولد ، وسُمّيَ " بيوسف " .
توفي الرجل عن " يوسف " وكان عمرُهُ قد ناهز البلوغ ، فورث هذهالأموال عن أبيه ، وتزوج فرُزِقَ بخمسة أبناء وخمس بنات ، كان أوسط الأبناء يدعى " عيداً " ، و قد وُلِدَ وبه تشوهاً خَلقياً ، حيث كان لا يستطيع أن يسير وحده أو يقفعلى قدميه ، لالتواءٍ في ساقيه ، وكان هذا الأمر مخفياً قبل أن يمشي .
ولمارأت جدته ما به ، ألحت على والده بأن يعالجه قبل أن يصعب علاجه ، فكان لا يستجيبلها ، بل قد يسيء إليها أحياناً ، بالسب والشتم ، واستمر هذا الأمر على حاله قرابةالعامين ، وازداد الألم والمشقة على " عيد " ، فعندها بادر الوالد بالرضوخ لطلباتأمه وزوجته ، فأخذه إلى المشفى المتخصص في هذا الشأن .
قام الأطباءبعمل الفحوصات اللازمة وأخذ العينات لتشخيص المرض بدقة ، وظهر بعد ذلك أنه يستحيلمعالجة هذا الولد بالعقاقير الطبية ، فقرروا إجراء عملية جراحية واستغفر اللهر عظام الساقينوإعادتها بصورة سوية ، حتى يستطيع الولد السير عليهما ، وجاء يوم العملية ، حيث حضرالوالد والأم والجدة ، فأجريت العملية "لعيد" ، وكللت بالنجاح .
وعلى الفور، قام الوالد بالإياب من المشفى لإخبار بقية الأخوة والأخوات بما تم هذا اليوم ،وكان مسروراً فرِحاً ،وما لبث أن اتصلت به إدارة المشفى لمرافقة ولده ، حيث أنهبحاجة ماسة إلى من يقف بجواره على مدار الساعة ، ومكث هذا الولد في المشفى أسبوعينكاملين ، وبعدها عاد إلى البيت ، وجلس فيه أسبوعاً آخر ، وأخذ ينهض شيئاً فشيئاً ،حتى قوي على المشي ، وأصبح يمشي كأي إنسانآخر ، مكث على هذا الحال قرابة شهرينتقريباً ، و في يوم من الأيام ، جاء الأب إلى البيت ، وكان متأخراً ، فاستقبله " عيد " ، فسقط على الأرض ، وأخذ يئن ويصرخ ، فخرجت الأم ، فإذا بابنها ملقى علىالأرض ، إنه الألم في عظامه نتيجة لوجود القطع المعدنية بداخلها ، فأخذه أبوه علىالفور إلى المشفى ، وفي الطريق جاءت سيارة مسرعة ، فأصيب الولد إصابات بالغة ،فارتطمت بسيارتهم ، وغشي على الوالد ، ونقل إلى المشفى وقد فارق الحياة ، فلما أفاقالأب من غيبوبته ، ازداد غماً وهماً ، ونُقل الخبر إلى البيت ، وخيم الصمت والوجومعلى العائلة كاملة .
أخذ الأب يعيد حساباته مع نفسه ، وينظر إلى أمه بعينالإشفاق والندم على ما كان منه تجاهها ، من إساءة وشتم وغيره ، كانت الأم تغضب عليهأحياناً ، وتتفوه بكلمات لا يعلمها إلا الله ، وربما وافقت هذه الكلمات ساعة إجابة . فهذا الوالد ورث الأموال بدون أدنى تعب ، وقد قضى على معظمها علاجاً ونفقاتعلى عياله حتى استوعبها ، بل أخذ يقترض من أصحابه ومعارفه ، حتى وصل به المطاف إلىعرض بيته للبيع ، فلما نظرت إليه الأم علمت أن ما جرى بولدها ، سببه دعوات الوالدةعليه ، إذ ندم الولد ندماً شديداً ، وأخذ يستعطف أمه ، ويبكي بين يديها ، ولكن لكلعمل جزاء ، والجزاء من جنس العمل ، فقد ذل بعد أن كان عزيزاً ، وهان على نفسه وعلىأبنائِهِ حيث أصبح فقيراً ، وتراكمت عليه الديون، ولا يدري ماذا يفعل . حقاًإنه كان يعيش في غفلة وإعراض عن مولاه ، فضاقت عليه الأرض بما رحبت ، وعلم أنه لميحسن التصرف في مال والده ، بل أغراه هذا الثراء حتى ابتلاه الله بما ابتلاه . فهلعرف الوارث حق الميراث ورضى الوالدين ؟الأستاذ الشيخ : إسماعيل محمدربعيللأمانه منقول
| |
|